ديك الجن الحمصي
(شاعر حمص العظيم)
هو عبد السلام بن رغبان ولد في مدينة حمص سنة 161 هجرية - 778 ميلادية وإليها نسب ..
غلب على عبدالسلام لقب ديك الجن لسبب من هذه الأسباب:
1- كانت عينا عبدالسلام خضراوين فلقب بديك الجن هذا ماجاء في تاريخ دمشق ثم في إعلام الزركلي فيما بعد.
2- سمي بديك الجن لأنه ذكر الديك في شعره قال ذلك محمد السماوي أول جامع لشعره.
3- لكثرة تنقله في البساتين كثيفة الورود .
عاش شاعرنا عيشة ترفٍ وبذخ ينهل من مؤروث أسره ميسوره الحال حتى بدد أمواله على اللهو والغزل والترنح النشوان بين بساتين حمص ومنتزهاتها الساحرة التي أصبح لايحتمل الابتعاد عنها والاستغناء بغيرها لما لتلك البساتين من جاذبية فهي متنوعة الوورود والأزهار ولهوائها العليل الذي يدخل إلى النفس وليس فقط إلى الرئيتين ...
انغمس ديك الجن وسط تلك الخمائل الغناء يساعده على ذلك وفره المال وحس شاعر ينهمر عليه المعجبون وفي خلال ذلك عرضت لعينه فاتنته " ورد " حيث حاول كل مابوسعه التقرب منها لكنها رفضت إلا الزواج ولأنه لم يستطيع مقاومة الابتعاد عنها كما لم يستطيع الابتعاد عن منتزهات حمص فقد قرر الزواج منها وكان زوجاً موفقاً عاشا حياةً ملؤها السعادة والحب يرتعان كغزالين في نعيم الحب يلحقان كطائرين في سماء السعادة يسبحان في بحيرة الهناء والرفاه ...
وهو الذي قال فيها :
ايا قمر تبسم عن اقاح
ويا غصنا يميل مع الرياح
فاق ديك الجن بشعره شعراء عصره ، و طار صيته في الآفاق حتى صار الناس يبذلون الأموال للحصول على القطعة منه.
لم يتكسب بشعره حيث لم يمدح خليفة و لا غيره ، بل ولم يرحل إلى العراق رغم رواج سوق الشعر فيه في زمنه ، فبقي شعره ضمن الحدود التي عاش فيها .
قلما يخلو كتاب من خبر أو شعر يتعلق بديك الجنِّ بطرف . وربما تأتت له هذه المنزلة من شاعريته العالية , واحتلاله مكاناً هاماً بين أقطاب حركة التجديد الشعرية التي بدأت ببشار بن برد , واستوت على يدي أبي تمام , حبيب بن أوس الطائي , صديق ديك الجن وتلميذه ... ثم من مأساته الفاجعة مع زوجته وحبيبته ( ورد ) التي قضت على يديه مقتولة بسيف غيرته ....وذلك على إثر مكيدةٍ دبرها ابن عمه أبو الطيب على إثرِ صدِّ زوجة وحبيبة ديك الجن (ورد) له بعد العديد من المراودات والعروض التي قدمها لها لينال من نفسها...
وحكاية ذلك أن ديك الجنِّ قام برحلةٍ بعيداً عن حمص طلباً للمالِ كي يردَّ بعض ديونه المستحقة,وعندما لاحَ خبر عودته قام ابن عمه أبو الطيبِ بالإيقع بينه وبين زوجته فقام بإعلامها أن ديك الجن قد قتل على الطريق..
فسيطر عليها الحزن والكمد وملأها الهم والحسرةُ ..وفي ذات الوقت قام أبو الطيبِ بإعلامِ صديقِ ديك الجنِّ (بكر)وأعلمه بذات الخبرِ وطلب منه الذهاب إلى بيت صديقه كي يهدِّئَ من روع زوجته (ورد)..
ذهب (بكر) إلى بيت صديقه وشارك ورداً في همها وكمدها وحزنها على زوجها,وشرع بمواساتها وتهدئتها،ومع وصول ديك الجنِّ (سالماً)إلى حمصَ أسرع إليه ابن عمه أبو الطيب وأخبره بوجود صديقه في بيت زوجته أثناء غيابه وأنه كان يتردد إليها باستمرار..فاستبد الغضب بديك الجن ومضى هائجا إلى بيته,وعندما تحقق من صحة مارواه أبو الطيب شهر سلاحه وقتل زوجته وصديقه بسيفه..
توفي ديك الجنِّ بعد سنواتٍ مليئةٍ بالحزنِ والهم والندم على صديقهِ وزوجته سنة : 235 أو 236 هجرية و له أربع أو خمس و سبعون سنة.
ومن قصائد الشاعر الحمصي ديك الجن "قصيدة انظر إلى شمس القصور وبدرها " :
انظر إلى شمسِ القُصُورِ وبدرِها
وإلى خزاماها وبهجةِ زهرها
لم تبل عينك أبيضاً في أسودٍ
جمع الجمال كوجهها في شعرها
وردية الوجناتِ يختبر اسمها
من ربقها من لا يحيط بخبرها
وتمايلت فضحكن من أردافها
عجباً ولكني بكيت لخصرها
تسقيكَ كأسَ مدامةٍ من كفِّها
ورديَّةٍ ودامة من ثغرها
مع تحيات عاشق الوثبة وسام كولكو